يُلفت النظر أن الحمار دون سائر الحيوانات نال درجة رفيعة من الاهتمام، وذلك على عكس واقعه الموغل في الاذلال، ففي بداية القرن الماضي أُشهّرت في فرنسا (جمعية الحمير) والتي ضمت نخباً من المثقفين برئاسة فرانسوا ميل، وعلى شاكلتها تكونت جمعية في مصر العام 1930 أسسها الفنان المبدع زكي طليمات وضمت في عضويها عميد الادب العربي الدكتور طه حسين وعباس العقاد وتوفيق الحكيم، وآخر عهدي بسيرتها كانت رئاستها الفخرية قد آلت للفنانة نادية لطفي، والحكيم كان أكثر الكتاب المصريين إهتماماً بالحمار في كتاباته، وله عدة مؤلفات منها (حماري قال لي 1938) وكذلك (حمار الحكيم 1940) وايضاً كتبت الفرنسية الكونتيس دي سيجور (خواطر حمار) وهناك جمعيات مماثلة في كل من سوريا ولبنان، ويذكر أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان قد إستثني (جمعية الحمير في سوريا) من قرار حل الاحزاب والجمعيات بعد إشهار الوحدة مع مصر، ولعل أطرف ما قرأت أيضاً في ظل ديمقراطية رأس (صدام) الطائر في العراق، أنه بعد صدور قانون الأحزاب من برلمان كردستان، حصل حزب (الحمير الكردستاني) من إدارة (السليمانية) على ترخيص رسمي بمزاولة النشاط السياسي بعد 13 عاماً من (النهيق والرفس وعدم اليأس) على حد تعبير الصحف التي أوردت الخبر، وقالت أن تسمية هذه الجماعة تعود إلى سكرتير الحزب (عمر كلول) الذي رفع شعاراً مفاده أنه (بسبب شر وإنحراف البشر يجب أن نعيش كالحمير) وكلنا يعلم أن الحمار هو شعار الحزب الديمقراطي ثاني أثنين يديران شئون أمريكا، ولا أظن أنني الوحيد الذي يعرف معلومة كادت أن تندثر لأن ذكرها في ذاك البلد الطيب أهله كفيل بإرسال قائلها إلى العالم الآخر، بل حتى عند إنتقل صاحبها إلى ذاك العالم الآخر لا يقولها الناس إلا همساً، وتشير الرواية التي لا تقبل الجدل أن سيادته بمجرد أن دانت له السلطة، غيّر أسم والده من (الحمار) إلى كائن نقيضه يبعث ذكره الرعب في نفوس الاعداء والاصدقاء معاً!