الإنقاذ تبدأ مشروعها الحضاري!!! 1-2

كان المشروع الحضاري شيئا كعجل بنى إسرائيل جسد له خوار.لم يكن أحد من العالمين يعرف كينونته.وكنت ردحا من الزمان أحاول أن ألتمس كنها لهذا الشيء ولكنى

عجزت فطفقت أسأل منظّريه وبعض الهتيفة فلم يجبني أحد.فأيقنت أنه شيء مثل الغول والعنقاء والخل الوفي.أجمل ماقرأت فى هذا الشأن مقولة دكتور التجاني عبد القادر حين قال( إن الذين ينظرون للمشروع الحضاري لم يكملوا كورسا واحدا فيه أية حضارة).
ثلاثة أخبار في الاسبوع الماضي ذكرتني بحوارات متنوعة جرت أوائل التسعينيات، أحدها عن السوق الحر والثانى عن المشروع الحضاري.أذكر أننى قلت إن السوق الحر لايمكن زرعه فى وسط حقل شمولي، فالذى سيحدث إما تتراجع الانقاذ عن سياسة التحرير أو أن تنفتح باتجاه تحول ديمقراطي.
قلت إن المشروع الحضاري سيظل أرضا بلقعا الى أن تجد الانقاذ ماتزرعه عليها من أفكار ومشاريع علمية يأكل منها الناس فالناس لاتأكل الهتافات وإن صيغت بأجمل الألحان.كان هذا الحديث يضعك فى خانة الانقاذ، هذا إذا لم يخرجك من الملة.
الآن بعد رحلة تيه سبعة عشر عاما عادت الانقاذ تتلمس طريق المشروع الحضاري الممكن .الاخبار الثلاثة التى ذكرتنى بما قلت تتعلق كلها بالتنمية والناس والمستقبل. قال وزير الصناعة السيد جلال الدقير وهو يطوف على أكثر من أربعة مصانع إسمنت بداية هذا الشهر ( بنهاية عام 2009 سيصل إنتاج السودان من الإسمنت سبعة ملايين ونصف طن في العام تساوي ثلاثة أضعاف الانتاج الحالي ستخرج من نهر النيل وأكد الدقير أن التحولات الاقتصادية التى حدثت بالبلاد لعبت الدور الاساسي في قيام هذه الصناعة والتى تحتاج الى 250 ميجاواط من الكهرباء كانت تساوي نصف انتاج السودان من الطاقة الكهربائية والتى ظلت سؤالا حاضرا في كل المصانع التى تستعد للانتاج على طاولة المهندس مكاوي والذي قال أكثر من مرة بأنه على استعداد لمد هذه المصانع بالكهرباء فورا دون إبطاء.).
فى تقرير محكم كتبه الصحفى النابه عبد المنعم ابوادريس جاء (التقديرات تشير الى ان الاستهلاك السوداني سيرتفع خلال خمس سنوات الى خمسة عشر مليون طن في العام في ظل تسارع حركة المشروعات والعمران في السودان ويتجلى ذلك في الفجوة الضخمة ما بين إنتاج الاسمنت بالسودان وحتى الاستهلاك الحالي فحتى هذه اللحظة بالسودان مصنعين فقط أحدهما أنشىء عام 1948 وهو إسمنت عطبرة والذي هو الآن مملوك لشركة الراجحي السعودية والآخر مصنع إسمنت ربك والذي افتتح 1976 لينتجا معا 350 الف طن سنويا تساوي فقط 15 % من حاجة السوق المحلي والذي يلتهم اثنين ونصف مليون طن سنويا من المادة الحيوية للبناء والتى تشير الدراسات الجيلوجية ان مادتها الخام الرئيسة وهي الحجر الجيري موجود في ولاية نهر النيل بالمنطقة الواقعة غربي مناطق الدامر ، عطبرة ، بربر والغبش في مساحة يمتد طولها لحوالي مائة كيلو متر ،).كل خيرات الارض هنالك ومع ذلك!!. رحم الله صلاح أحمد إبراهيم.
هكذا يبنى المشروع الحضاري بالاسمنت لا بالشعارات ولا الهتاف.الاسمنت دفع شركات الإسكان الكبرى فى الخليج تتسابق الآن لبناء المجمعات السكنية الضخمة على شواطىء النيلين. فى ذات المنحى أعلنت إدراة سد مروى أنها أغلقت آخر بوابات الخزان لتبدأ الخطوة التالية وهى إنتاج الكهرباء التى من المتوقع أن تدخل بعد ثلاثة أشهر.الماء أيضا تدفق خلال الاسبوع الماضي على ترع سكر النيل الابيض الذى أنهى تجاربه الاولية ويستعد للانطلاق. السيد جلال الدقير يبذل جهدا مضنيا لتطوير البنيات الصناعية ولكن لا أحد يعرف لأننا ببساطة نتسابق على تصريحات السياسيين المدوية لا على إبراز الصروح التى تبنى فى صمت.
حاشية:-
الذين يعتقدون أننا نسينا قصة ( بيع الفرعون ) واهمون، أما الذين هم أشد وهما فهؤلاء يعتقدون أننا سنترك عامل النفايات ينجو بفعلته ولقد قلنا لكل الذين جاؤونا، إن الشيء الوحيد الذى سيوقفنا عنهم هو أمر إلهى ولاشيء غيره. هؤلاء ياسادتي هم :
الضاحكون بِنصفِ السِّنِّ كاشِرةً
وينطِفُ النِّصفُ مطويّاً على دَخَلِ
يستأسِدون إذا مُدّ العنانُ لهم
فإن يُشدُّ تردّوا بِزّةَ الحَمَلِ.
كل ماهنالك أننا نرصف تحقيقنا عن شريان الشمال بالمستندات اللازمة .